الإله أو الله في الفكر الإنساني


من اجل فكر سوداني
مثل التصور الذهني الإنساني للإله كذات واعية وليس قوة وعي يمكن ان يتواصل معها من خلال بعد محدد وتجسد ذلك البعد في المجتمعات الأولى داخل حيز الطبيعة نسبة لتماثل المجتمع من حيث الذات الاجتماعية والوعي السلوكي ولذلك كانت الطبيعة تمثل الاخر خارج اطار الوعي ولكن بعد بداية التحولات الاجتماعية مما أدي إلى وجود اخر إنساني مما حول قصور الوعي من الطبيعة فقط إلى الطبية والإنسان ومع التحولات التي تمثلت في ثنائية الوعي الجيني والوعي السلوكي مما أدي إلى وجود مجتمع تحولات وبالتالي نخب مجتمعية والتي استطاعت من خلال الوعي الجيني ان تعيد استيعاب كل المجتمعات التي كونت مجتمع التحولات فتم تفكيك كلية القيم الأولي وتم اعادة استيعابها من خلال المجتمعات التي تكونت من خلال تجاوز الترميز السلوكي إلى ترميز سلوكي اخر بناء على إنسانية تلك المجتمعات. كل ذلك أدي إلى ان يتمثل المجتمع قوة الوعي للإله من خلال نخبه المجتمعية التي استطاعت تجاوز قصور الوعي الإنساني فكانت قوة الوعي للإله تمر من خلال تلك النخب أو ارواحهم فقد رات المجتمعات تلك النخب الاجتماعية باعتبارها وسيط بين الإله والمجتمع.
ولقد ذكرنا سابقا ان اعادة الاستيعاب قد تمت داخل مجتمعات تمتلك كلية قيمية بين الوعي الجيني والوعي السلوكي ولذلك كان قصور اعادة الاستيعاب التي تمت في المجتمعات الاولى بناء على التحول الاعمي الذي يقوم على الوعي الجيني والظرف الطبيعي ولاختلاف الاستيعاب من مجتمع لاخر فلم تكن هنالك رؤية تمكن من احتواء إنسانية كل المجتمعات بين وعيها الجيني ووعيها السلوكي التاريخي مما أدي إلى استمرار قصور الوعي في ظل نخب تسير خلف المجتمعات في تحولها الاعمي فكان نتاج ذلك ان ظهر في داخل المجتمعات الثقافية تصنيف للمجتمعات، وذلك باعتبار تمايز المجتمع التحولي وبالتالي نخبه عبارة عن تميز في الإنسانية فكان هنالك داخل أي مجتمع تحولات المجتمع الأول والثاني والثالث وغيره ومجتمعات العبيد التي تنتمي إلى وعي جيني اخر. وكان الوعي بإنسانية الاخر يتم من خلال التحول الجيني فقط دون اعادة استيعاب للكلية التي تم انتاجها من قبل النخب. ومع التاريخ وبعد التداخل بين عدة مجتمعات نتيجة للوعي الجيني الذي قاد المجتمعات إلى ان تتحول من مجتمعات عشائرية وقبلية إلى مجتمعات ثقافية.
وظل الإنسان في محاولته للترميز الإلهي أو إعادة استيعاب الإله من خلال الكلية الثقافية دائما في حالة تصور الإله من خلال المعقولية الثقافية وذلك للتواصل المباشر مع الإله كما التواصل مع الاخر الاجتماعي والثقافي لذلك يتم تشييء الإله من خلال رمز محدد. وقد كان الوعي بالإله كمكمل لقصور الوعي الإنساني بمعرفة الاخر الذي يحيط به إذا كان اخر إنساني أو اخر طبيعي وقد استمر ذلك التصور مع التاريخ الإنساني من خلال الترميز الإلهي بالقوة الفاعلة داخل التاريخ الإنساني ولذلك نجد ان الإله قد تجسد داخل الواقع الاجتماعي أو البيئي ومع التحولات الاجتماعية يتغير المعني الإلهي ليمثل التداخل الجيني الذي تولد مع ضغط التحولات بإعادة الترميز من خلال الكل المجتمعي.
والوعي بالإله المعني وليس الإله الرمز كما نراه من خلال رؤية التحولات الاجتماعية والذي يتمثل في الإله المتعالي خارج الإطار الإنساني والفاعل الكوني من خلال السنن الكونية التي توجد داخل الكل الطبيعي والإنساني الذي يحاول الإنسان الوعي به واعادة استيعابه من خلال الكلية القيمية. فالكل الكوني الذي يتجسد من خلال تكامل جزئياته قد قطع فيه الانسان مرحلة كبيرة، اما الوعي بالانسانية فهو ما وقفت عنده الانسانية. فالنظام أو النسق الترابطي بين جزئيات الطبيعة أو الكون والتكامل في دوران الحياة وكذلك اعادة الاستيعاب التي يقوم بها الإنسان من خلال التجربة دون الاخلال بذلك النسق فكل ذلك يشمل الكل الطبيعي. اما الكل الإنساني فهو تكون وعيه الجيني الذي يؤدي إلى الوعي بالإنسانية بالإضافة إلى تهيئة الفرد لممارسة سلوك محدد بناء على ذلك الوعي. وضغط التحولات الذي نشا نتيجة لقصور الوعي الإنساني ولذلك اتت الرسالات في محاولة إلهية لتجاوز قصور الوعي بالإله المتعالي وكذلك بالمعني الإنساني الذي يمارس الوعي الجيني من خلال ترميز سلوكي وحوجة الفرد للمجتمع الحقيقي لرؤية ذاته الاجتماعية بناء على الوعي الجيني.
وما فعله الإنسان حتى اليوم هو محاولة الوعي بتلك القوانين أو السنن الكونية التي تحكم علاقة ذلك الكل الإنساني والطبيعي. مع الوعي بان ما وصلت اليه الإنسانية اليوم قد حكمه الوعي الثقافي الذي تكون من خلال التدوين بعدم الاعتراف بالأخر الإنساني المختلف فحاولت النخب الثقافية الوعي بالكل الإلهي من خلال الترميز الثقافي، فعدم الاعتراف بالاختلاف قاد إلى الإله الثقافي الذي تم معاملته كرمز ثقافي داخل المنظومة أو المحددات الثقافية وهو ما اخر الإنسان التدويني أو النخب عن مجارات المجتمعات في التحولات.
ورغم استمرار الإله في إرسال الرسالات الإسلامية أو الرسالات التعريفية التي تهدف إلى ثنائية متداخلة الأولى هي إعادة تعريف الإله للإنسانية كاله متعالي عن الترميز الثقافي والثاني هو تعريف الإنسان لذاته العرقية أو الثقافية وعلاقته بالأخر باعتماد التحولات وذلك حتى لا يكون الترميز أداة في وجه التحولات الاجتماعية التاريخية. فرغم ضرورة الترميز كاحالة مادية للقيم الإنسانية من خلال قيم سلوكية محددة في المراحل التاريخية ولكن عند لحظة التحولات لا يمكن لذلك الترميز ان يستمر كما هو ولذلك دفع الإله بالرسالة تلو الاخرى وذلك لتجاوز قصور الوعي الذي يؤدي الى قصور في اعادة الاستيعاب وبالتالي نفي الاخر باعتباره اللا انساني. فلا يمكن تعريف الإنسانية من غير ترميز ولكن ذلك يبقي في حيز الإنسانية فترميز القيم هي المعني للإنسانية وليست للإله قيم ليرمزها للبشر وكذلك تلك القيم الاجتماعية ليست نهائية ولذلك يمكن اعادة استيعاب الإنسانية من خلال افراد المجتمع أو الثقافة مع دفع المجتمعات نحو الوعي بالذات الإنسانية والأخر الإنساني.
ففي الرسالات الإسلامية نجد في اليهودية مثلا ان التصور الإلهي قد تم بناء على التجسيم الذي تم بناء على محاولة اليهود تاريخيا الوصول إلى ماهية الإله من خلال العقل الصوري الإنساني وهو ما عجزت عنه اليهود في النهاية فتم الارتداد إلى الهوية الثقافية واعتمادها كهوية إلهية من خلال الترميز الذي وقفت عنده الثقافة اليهودية.
اما المسيحية ونسبة لرفضها داخل مجتمعها الحقيقي وهو المجتمع اليهودي فقد تم ترميز الإله (أو قوة الوعي) داخل العقل الصوري الإنساني من خلال المسيح ونسبة لذلك الرفض فقد نشات المسيحية خارج اطار الكل الثقافي ولذلك كان تعريفها قاصرا على المسيح كاله منقطع عن قيمه وثقافته.
اما الرسالة الخاتمة ونسبة لعدم التفاعل الكلي بين الإله والمجتمع لان الرسالة كانت تأتي عبر الرسول فقط من الثقافة العربية (وليست مثل الرسالة اليهودية التي استوعبت تفاعل الإله مع المجتمع الكلي وبالتالي نشا المجتمع اليهودي باعتبار كل فرد داخله يمتكل جزء من الذات الالهية)، ولذلك فقد تم اعتماد التصور المسيحي التي وحدت بين الإله والمسيح فقد وحدت بين الرسول (محمد) والإله من خلال مفهوم العصمة والوحي فكان كل فعل وكل قول من قبل الرسول هو فعل الهي أو قول الهي ونسبة لان الرسالة كانت داخل مجتمع الرسول الحقيقي فقد تماهت بالتالي القيم الثقافية مع الإله لتاتي الثقافة العربية كما الثقافة اليهودية بصفة إلهية. فالاختلاف بين الثقافة العربية والثقافة اليهودية ان الاله لا يتمركز داخل الذات في الثقافة العربية ولكنه داخل القيم الثقافية التاريخية.
وقد مثلت النخب بالنسبة للمجتمعات امتداد طبيعي للإله كقوة للوعي وذلك لتجاوز تلك النخب (بناء على وعيها الجيني ووجودها داخل مجتمع التحولات) الترميز المجتمعي والوعي بالإنسانية من خلال الإنسان لذلك كان الاتجاه نحو تلك النخب من قبل المجتمعات كوسيط بين الإله والمجتمعات.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرسالات الإرشادية بعيدا عن التدوين العربي (2)

من الانتفاضة إلى الثورة السودانية (1)