مفاهيم من اجل تدوين السودانوية (المصحف العثماني 3)




مدخل:
المصحف العثماني أو ما يسمي حديثا بالقران الكريم يعد هو السلاح الأول الذي تشهره الرؤية العربية باعتبارها رؤية إلهية وليست فلسفة إنسانية وبذلك تبعد نفسها عن النقد المنهجي أو حتى المحاولة في رؤية تلك الفكرة من خلال الواقع باعتبار ان الرؤية فوق الممارسة والواقع، فإذا كان هنالك خطا فيرجع إلى الواقع أو الممارسة وتظل الرؤية نقية كما هي بعيدة كل البعد عن الخطأ الموجود في الواقع والمطبق وفق تلك الرؤية. ولذلك لتفكيك كل الرؤية العربية علينا ان نعيد استيعاب تلك المفاهيم وتفكيكها لإعادة استيعابها، فيكون السؤال إذا عن ماهية المصحف العثماني (القران الكريم) حسب فلسفة التحولات الاجتماعية، ولكن أولا فالنرى تعريف الرؤية العربية له.

الرؤية العربية والمصحف العثماني:
في واحد من التعاريف التي حاولت ان تسد كل مداخل النقد وإعادة الاستيعاب نجد ان المصحف العثماني الذي أصبح القران الكريم هو: كلام الله تعالي ووحيه المنزل على خاتم انبيائه محمد (ص) المكتوب في المصحف المنقول الينا بالتواتر، المتعبد بتلاوته، المتحدى باعجازه. إلى هنا ينتهي التعريف وهو واحد من التعاريف الكثيرة المتقاربة نوعا ما والمختلفة باختلاف مراحل التحولات الاجتماعية. نترك هذا التعريف كما هو وندخل إلى كيفية التي نستوعب بها الإرشاد الإلهي.

الإله والوعي الجيني:
لنتمكن من تفكيك الرؤية العربية علينا الرجوع قليلا إلى الوراء مستصحبين معنا مفهوم الإله عند الإنسانية، فقد استوعبت الإنسانية على مدار مراحل تحولاتها الإله كاله فاعل مسير للحياة وتحديدا في المجالات التي كانت عصية على الاستيعاب داخل الرؤية الكلية، ولكنها عجزت عن تصور لذلك الإله نسبة لوعي الإنسانية الصوري الذي يلازم بين المفاهيم ومدلولاتها المادية، ونتيجة للقصور في استيعاب الإله المتعالي فقد تم اعتبار ان الأدوات المعبرة عن القدرة الإلهية هي في ذاتها تمتلك خاصية إلهية، ولذلك تم منح الطبيعة قديما تقديسا خاصا باعتبارها معبرة عن القدرة الإلهية، وبعد ذلك تعددت القدرات الإلهية بين الطبيعة والرسل إلى ان جاءت المرحلة الثقافية التي استطاعت فيها المجتمعات تحييد الطبيعة وليس استيعابها داخل الكل الإنساني وبذلك تم توحيد الإله أي الإله الواحد بمساعدة الرسالات مع اعطاء التقديس أو القدرة الإلهية إلى أدوات الرسالة واشراكها بالتالي في ذلك التقديس.

الرسالة المحمدية والتاريخ:
مع بداية كل رسالة كان يتم المزج بين الرسالة والرسل باعتبار ان الرسول معبر عن القدرة الإلهية المرسلة، لذلك كانت الرسل كثيرا ما يطلب منها ان تأتي باية أو معجزة لإثبات قولهم بانهم معبرين عن القدرة الإلهية، أي بما انهم معبرين عن تلك الرؤية فانهم يمتلكون قدرات خاصة (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93))، ولذلك اعتبرت المجتمعات تاريخيا ان الرسالة موجودة في شخص الرسول. وهو ما اجهد الرسول محمد كثيرا كانسان نخبوى متاكد من انه عبارة عن إنسان عادى مثله مثل البقية ولا يمتلك خاصية إلهية ولذلك كان يحاول حفظ الرسالة الإرشادية باعتبار ان الرسالة تدور حول النص وليس حول ذاته التي يدرك انها لا تمتلك صفة النقاء وعدم الخطاء عن أي إنسان اخر، فجاء الإرشاد من الإله بان مهمته هي الإرشاد وليس جعل الناس يؤمنوا بذلك النص (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99))، وكذلك الاستفادة من علاقة ذلك النص مع الواقع ومع ما حوله باعتباره نص إرشادي كانسان نخبوى يعتمد عليه مجتمعه كثيرا وليس كرسول ودعت الرسالة كثيرا إلى محاولة استنباط الإرشاد بعيدا عن الرسول (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108))، اما مهمة الحفظ للرسالة فهي مهمة إلهية (إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79))، وهنا نجد الفرق بين النص وبين الرسالة الإرشادية.
بعد وفاة الرسول حدثت الصدمة للمجتمعات العربية فقد اكتشفت ان الرسالة ليست الرسول فقط (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144))، بعد لحظة الوفاة تلك حاولت النخب اعادة تدوين الرسالة الإرشادية والنظر إلى الأدوات الأخرى، فبدات مرحلة الجمع للمصحف العثماني أولا ثم بعد ذلك بدأت محاولات اعادة التعريف التي استمرت مع التحولات الاجتماعية.

المصحف العثماني والكتاب:
لقد اعتمدت التدوين النخبوي في رؤيته للمصحف العثماني على الوعي الجيني الذي يعتبر أدوات الرسالة عبارة عن جزء من الرسالة وتماثل التقديس الإلهي وفي بعض المرات تتجاوزه (يمكن ان لا يلتفت اليك وانت تهين الإله ولكن اهانتك للرسول أو المصحف أو الاماكن المقدسة هو شيء اخر)، وتعريف القران الكريم الوارد في بداية المقال هو تعريف اتي بعد فترة تاريخية طويلة لتدوين المصحف وقد اعتبر ذلك التدوين ان لفظ الكتاب الوارد في الرسالة الإرشادية مرادف للمصحف العثماني وان ذلك المصحف احتوى كل الإرشاد الإلهي باعتباره كتاب منزل من الإله وليس تدوين انساني. فالنناقش تلك الأجزاء تاريخيا فقط.

تدوين المصحف العثماني:
ان المتتبع لتدوين المصحف تاريخيا يدرك ان ذلك التدوين قد بدا بعد وفاة الرسول عندما انتبه المجتمع ومن بعده النخب إلى ان الرسالة ليست مجسدة في شخص الرسول وقد بدا التدوين عشوائيا لذلك نشات عدة مصاحف وليس المصحف العثماني وحده (ومن تلك المصاحف مصحف بن مسعود، ومصحف ابي موسي الاشعري، ومصحف ابي بن كعب، ومصحف المقداد، ومصحف بن عباس)، وكانت كل تلك المصاحف مساوية في القيمة إلى ان امر الخليفة الثالث عثمان بن عفان بابادة كل المصاحف ما عدا مصحفه ليكون المصحف الوحيد (المصحف العثماني أو مصحف الإمام) ثم بعد ذلك يكون هو الكتاب الإلهي أو القران الكريم. ولذلك إذا كان معني الكتاب في الرسالة الإرشادية هو المصحف فان كل تلك المصاحف تعد كتب إلهية لان ابادة تلك الكتب لم تأتي من الإله ولكن جاءت من الخليفة الثالث كما قلنا.

كمال المصحف العثماني:
كما ذكرنا سابقا فان التدوين الذي قام على الوعي الجيني استوعب أدوات الرسالة كجزء من الذات الإلهية تتميز بقيمة الكمال الإلهي، ولذلك وجدنا تقديس لكل أدوات الرسالة فالرسول هو الإنسان الملاك الذي لا يخطئ، وهو ما حاولت الرسالة الإرشادية التنبيه اليه كثيرا حتى لا تتبع النخب الوعي الجيني المجتمعي وتحاول ان تنتج رؤيتها بعيدا عن ذلك الوعي في الحديث ليس عن بشرية الرسول فقط ولكنه إنسان يخطئ ويصيب كما كل البشر (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2))، ولكن فالنترك الحديث عن الرسول فليس هذا مقامه ونرجع إلى الحديث عن كمال المصحف العثماني الذي يأتي من كمال الإله. ونترك الرؤية ونبحث عن المراجع التاريخية المعتمدة للرؤية العربية فماذا تقول عن كمال المصحف العثماني. (نرجو مراجعة الدراسة المتميز لمحمد عابد الجابري مدخل إلى القران الكريم) في تفسير القرطبي والسيوطي والطبري وفي الصحيحين نجد قول كثير عن نقص للمصحف العثماني ويبرره أولئك بان هنالك ايات أو سور نسخت أو رفعت أو غيرها، وهنالك من يحاول ان يثبت مفهوم الكمال بحذف الواقع عندما يقول ان تلك اخبار احاد والقران يأتي بالتواتر، رغم تسليمه بكل ما يأتي في تلك الكتب ويحذف منها ما لا يوافق رؤيته فقط. فإذا يوجد نقص في المصحف العثماني في تدوين كل الإرشاد الإلهي ويرجع ذلك النقص إلى عوامل إنسانية فالقيمة المعطاة للمصحف العثماني اتت بعد اكتمال الإرشاد بزمن بالإضافة إلى التواتر في الرسالة الإرشادية نفسها الذي استمر لاكثر من عشرين عاما (طول مدة الدعوة)، ولذلك لا يمكن للمصحف العثماني ان ياخذ صفة الكمال الإلهي.

ماهية الكتاب الإلهي:
في المراحل التاريخية الأولى للحياة الإنسانية كان الإله يأتي بالايات أو المعجزات أو البينات على رسالته وذلك نسبة لعدم انفتاح الإنسانية على بعضها البعض مما كان يؤدي إلى ان يمارس الوعي الجيني قصوره الاستيعابي على الكل المشتمل عليه، مما يجعل بعض افراد ذلك الوعي خارج اطار الاستيعاب ويؤدي إلى استعبادهم وممارسة كل الأفعال بمسمي ممارسة الحياة الإنسانية دون ان يكون هنالك اخر يستطيع ان يوضح الاختلاف الإنساني من خلال وجوده فقط (أي لا يوجد مفهوم الهجرة التي كانت تعني حتى للفرد المستعبد الخروج من ذاته باعتبار الفضاء الخارجي يمثل اخر ضد نسبة لجهله به، واذا ضربنا بالحاضر مثل وجود الامم المتحدة وغيرها من القوانين التي تتماشي مع الثقافة الإنسانية رغم قصورها). فكان الإله يأتي بالمعجزات حتى يستوعب كل المجتمع مفهوم الإنسانية والتحولات الاجتماعية ولكن لا يتدخل الإله مباشرتا في الحياة الإنسانية بين البشر ولكن يأتي بمعجزات من الطبيعة للدلالة على وجوده (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ (133) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134))، وليس ذلك لقصور الهي كما يعرف الكل ولكن الامكانيات التي وهبها الإله داخل الطبيعة وداخل الإنسان تمكنه مع بعض الاجتهاد ان يتجاوز الوعي الجيني إلى رؤية كلية تمكنه من ممارسة حياته بصورة أفضل، بالإضافة إلى الرسالات واياتها التي كانت لتنبيه الإنسانية إلى المغزى وليست لتكون بديل عن الفعل الإنساني. فالفعل الإنساني هو فعل ارادي يحاسب عليه فاعله إذا اتبع الإرشاد أو لم يتبع.
استمر تأكيد الإله على وجوده للإنسانية وعلى ارشاده لها واتيانه بالبراهين حسب وعي الإنسانية بالإله الفاعل إلى ما قبل الرسالة الخاتمة، في مرحلة الرسالة الخاتمة كانت المجتمعات قد وصلت إلى مرحلة التحولات الثقافية العرقية وكذلك امكانية التواصل مع الاخر وإمكانية استيعاب مفهوم الاخر المختلف إذا تجاوزت النخب والمجتمعات الوعي الجيني (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97))، لذلك وضع الإله كل الأشياء في مكانها الطبيعي وترك للإنسانية التي أصبحت حتى المجتمعات في امكانية للاستيعاب إذا كان ذلك بفعل الضرورة أو بفعل الوعي النخبوي، فارتفع الإله إلى مكانه الطبيعي كإله متعالي ورفض رفضا قاطعا مجاراة الوعي الجيني في منحه للايات أو البراهين أو المعجزات واعتمد فقط على الإرشاد نسبة لامكانية الإنسانية إذا أرادت ان تستوعب ذلك (وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آَيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآَيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (51)). وإذا استخدام الإله لمفهوم الكتاب يرجع إلى الاستخدام العربي فقد جاءت الرسالة من داخل الثقافة العربية واستخداماتها للمفاهيم (عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)).
كانت العرب تستخدم الكتاب على العهد المبرم بين اثنين إذا كان مكتوب أو غير مكتوب (وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ)، ولذلك جاءت الرسالة الإرشادية تحمل ذلك المفهوم لتلك المفردة أي يعني الكتاب العهد الإلهي بين الإله والإنسان  وذلك بخلق الإنسان في تكامل مع الطبيعة واعطائه امكانية للاستيعاب ومنحه كذلك رسالات إرشادية عند قصور الوعي النخبوي وتلك الرسالات الإرشادية هي الأساس (مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)). وقد هيمنت الرسالة الإرشادية الخاتمة (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ) على كل الكتب السابقة بايرادها لصور من التحولات السابقة وكيفية التي تم بها استيعاب الرسالات التي اتت لتلك الامم والقصور الناتج من ذلك الاستيعاب. فالهيمنة هنا ليست صورة الإله الحقيقية أو صورة العبادة ولكن مراجعة الرسالة الإرشادية لكل الرسالات السابقة وابراز القصور الذي لازمها في استيعاب الحياة الإنسانية وليس استيعاب الإله أو العبادة.

المصحف العثماني من منظور فلسفة التحولات الاجتماعية:
من هنا نجد ان المصحف العثماني عبارة عن: محاولة بشرية إنسانية لتدوين كل الإرشادات التي اتت إلى الرسول وليست كلام الله فالإله يتعالي عن استخدام القيم الإنسانية، ورغم قصورها في تدوين كل الإرشاد الوارد للرسول محمد (كما هو وارد تاريخيا) الا ان ذلك لا يعني قصور الرسالة كما يستوعب الوعي الجيني الذي يماهي بين أدوات الرسالة في الكمال وبين الإله فالرسالة كاملة وموجودة داخل الحياة الإنسانية وما على البشر الا السير في الحياة (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آَذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46))، أو ينظروا في انفسهم حتى يتم استيعاب مغزى الرسالة الإرشادية التي كانت تتحدث عن محاولة معني ومغزى الإنسانية وعلاقة الإنسان بالاخر وبالطبيعة وكيفية استيعاب الإله المتعالي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرسالات الإرشادية بعيدا عن التدوين العربي (2)

من الانتفاضة إلى الثورة السودانية (1)