الرسالات الاسلامية والتحولات الاجتماعية


لقد مرت الإنسانية بعدة مراحل حتى وصلت إلى ان يكون الاخر على مستوى وعي الذات الاجتماعية فقد كانت المجتمعات الأولى بعيدة عن بعضها البعض ولذلك كان التحول الجزئي يتم داخل المجتمع الواحد فقط قبل نشؤ المجتمعات العشائرية والقبلية والثقافية، فقد كان قصور الاستيعاب الذي ينشا نتيجة لاحتكاك المجتمعات المؤقت مع بعضها البعض فكان ذلك القصور يتمثل في دخول جينات إلى واقع ماثل فكان تعرض ذلك الجين الوافد لكل أنواع ضغط اعادة الاستيعاب حتى يتماثل مع الكلية القيمية.
ومع حركة التاريخ أدي التداخل الجيني إلى تكوين مجتمع تحولات يتم داخلة اعادة استيعاب كل المجتمعات المكونة له كمجتمعات إنسانية فأصبحت المجتمعات هي التي تسعي نحو مجتمع التحولات للوعي بها وصياغة ذلك الوعي من خلال كلية قيمية فهي من خلال الوعي الجيني تستوعب ذاتها فقط ولكنها لا تستطيع استيعاب الاخر الذي شارك في تكوين مجتمع التحولات لذلك كان مجتمع التحولات هو الوسيط بين المجتمعات في رؤيتها لانسانيتها وانسانية المجتمعات الأخرى.
ولم يكن ذلك التاريخ ذو حركة برئية فقد كان قصور اعادة الاستيعاب يؤدي إلى كل أنواع الاضطهاد للجين الداخل على الكلية لذلك ظهرت في التاريخ الإنساني حركة الاستعباد والقهر والظلم والحروب وغيرها وذلك لان الإنسانية تتماثل مع جين محدد فقط يتلون مع حركة التاريخ ليشكل ايدولوجيا تقف دون جزئية مجتمعية ان تكون إنسانية، فكانت الرسالات الإسلامية كرسالات ارشادية تتبع حركة التاريخ والتحولات المجتمعية في سبيل دفع المجتمعات ليس بالوعي بإنسانية الكل المكون لمجتمع التحولات فقط ولكن للاخر غير المجتمعي كاخر انساني يختلف باختلاف مراحل التحولات والتركيب الجيني داخله.
فكانت الرسالات الإرشادية في الأول للمجتمع الواحد فقط وذلك لدفعه نحو الوعي بالكل الجيني لذلك المجتمع ككل انساني وذلك بتوحيد الترميز السلوكي بين الجينات ومراعاة قصور اعادة الاستيعاب بين مجتمع التحولات وبين مجتمعاته الاصلية إذا كان مجتمع التحولات يتمثل في اسرة محددة داخل مجتمع أو في مجتمع تحولات داخل مجتمعات مكونة له، وكانت تأتي الرسالات للمجتمع الواحد نسبة لعدم وجود الاخر على مستوى حيز الوعي الاجتماعي إلا باعتباره اخر ضد وتقوقع الإنسانية داخل وعي جيني محدد، وقد استمر ذلك الوعي باستمرار التحولات فقد كانت الإنسانية تتحول عند تحول المجتمعات من عشائرية إلى قبلية إلى ثقافية ولم تخرج الإنسانية خارج اطار الوعي الجيني رغم كل الرسالات الإرشادية حتى الرسالة الخاتمة.
ونسبة لتطابق الرب مع الفعل الاعجازي والوعي الكلي الإنساني فقد كانت حاجة المجتمعات باستمرار للتأكد من الرسالة الإرشادية بانها رسالة إلهية ان تأتي بآيات اعجازية من داخل الوعي الإنساني وقد جارت الرسالات ذلك الوعي حتى تستطيع ان تتجاوز به الجزئيات الإنسانية إلى الكليات الإلهية والاختلاف بين الفعل الإلهي والفعل الإنساني. ورغم كل ذلك لم تستطع الكلية القيمية للإنسانية ان تتجاوز الوعي الجيني فقد كانت تستوعب الرسالة والإعجاز بناء على جزئيات المجتمع والثقافة ولذلك استمر مفهوم الإله بناء على الإله الثقافي أو المجتمعي أي دون ان تتغير الكلية القيمية، فاستيعاب الإله حتى عند الرسالة المحمدية الخاتمة لم يتجاوز الإله الفاعل من خلال جزئيات إنسانية فتم تاطير الإله داخل قيم إنسانية محددة وهي القيم الثقافية التاريخية مما أدي إلى قصور في الوعي بالرسالة وإعادة الاستيعاب (أو مقاصد الرسالة التي سميت بعد اعادة الاستيعاب بمقاصد الشريعة). فقد كان الفعل على الدوام فعل انساني كفعل جزئي داخل الفعل الإلهي الكلي وهي خلق الكون وخلق الإنسان بحيث لا تاثر اعادة الاستيعاب الانسانية على تلك الكلية وتمركز الوعي الإنساني على ثنائية الوعي الجيني أو الذات الاجتماعية والكلية القيمية فكل قصور في تكامل تلك الإنسانية مع مرحلة التحولات يؤدي إلى قصور على مستوى شخصي أولا ومجتمعي قبل ان يؤدي إلى قصور في التعامل مع الاخر. وكانت الرسالات تأتي لإعادة استيعاب مرحلة التحولات تلك إذا كان من خلال الوعي الجيني بالنسبة للمجتمعات بترميز الفعل الإنساني للانا والأخر وليس ترميز الإنسان، أو من خلال الكلية القيمية باستيعاب الاخر باعتباره اخر إنساني أو اخر مختلف ولكن ليس باخر ضد.
ان إرسال الرسالات الإسلامية الإرشادية لكل مجتمع لوحده كانت لبعد المجتمعات بعضها عن بعض ولذلك كانت النخب لتلك المجتمعات هي الوسيط الوحيد للوعي بالكل الإنساني فكانت المجتمعات ترتضي رؤية تلك النخب على المستوى الكلي مع استمرار التحولات على المستوى الجيني مما يؤدي إلى تقاطع الوعي الجيني مع الرؤية الكلية في انتاج الفعل السلوكي.
فكانت الرسالات الإرشادية تأتي للوعي بالكل الجيني وذلك من خلال الترميز السلوكي حتى لا يكون لمجتمع التحولات ترميزه باعتباره المجتمع الاعلي ولبقية المجتمعات ترميزها وذلك من اجل الوعي بالإنسانية للكل. فمن الرسالات الأولى حتى الرسالة الموسوية هي رسالات تأتي بناء على الوعي الجيني وتستصحب معها التحولات فمن رسالات إلى مجتمعات عشائرية ثم إلى قبلية ثم إلى ثقافية ولكنها تقوم على وعي جيني محدد، فقد كانت الإرشادات في الرسالة الموسوية من داخل المجتمع اليهودي وقيمه لرؤية الإنسانية للإنسان اليهودي إذا كان في مركز التحولات أو في اطرافه. ولكن مع التحولات وعندما أصبح الوعي الجيني يستوعب الاخر كاخر مختلف دون الوعي بالترميز السلوكي لذلك الاختلاف جاءت الرسالات من الرسالة العيسوية والرسالة المحمدية للوعي بالاختلاف بين البشر ليس على المستوى الجيني ولكن على مستوى التحولات الاجتماعية والترميز السلوكي، فقد مثلت الرسالة العيسوية النقلة الأولى في ارشاد الكلية القيمية للوعي بالإنسانية خارج اطار الوعي الجيني وذلك عند تقارب المجتمعات ووجود الاخر داخل حيز الوعي بالنسبة للمجتمعات والنخب.










تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرسالات الإرشادية بعيدا عن التدوين العربي (2)

من الانتفاضة إلى الثورة السودانية (1)