تفكيك الخطاب العربي الإسلامي بين الإسلام كثقافة والإسلام كرسالة


من اجل عصر تدوين سوداني
(5)
الوعي الإنساني والمعني الايدولوجي:
تتوحد رؤية الإنسانية داخل الوعي الجيني للمجتمعات وذلك بانصهار الإنسان والمجتمع والإله داخل ذلك الوعي، لذلك يكون وعي الإنسان العادي بالإنسانية متقوقع داخل الوعي الجيني ويتم إخضاع الكلية النخبوية والراهن لتلك الإنسانية فيستوعب ما يمنح الوعي الجيني الاستمرارية ويرفض غير هذا، وقد تابعت النخب ذلك الوعي عند تدوينها لمعني الإنسانية فأصبحت المفاهيم لا تعبر إلا عن الترميز السلوكي لمجتمع التحولات التاريخي في الثقافة العربية، فالوعي الجيني يعبر عن ذاته من خلال السلوك والنخب تصيغ تلك السلوكيات داخل مفاهيم في حلقة دائرية تمنح الأفضلية للإنسان العادي وليس للنخب. فرمزت النخب العربية لذلك الوعي الجيني عند التدوين باعتباره قيم إلهية ولم تسعي تلك النخب في استيعابها إلى الفصل بين الرسالة والمجتمع واستيعاب مقاصد الرسالة للمجتمع العربي وللمجتمعات الأخرى، فرمزت النخب اللغة (ما يسمي باللغة العربية الفصحي التي كانت في ذاتها تعبر عن اعادة استيعاب للوعي الجيني في ذلك الوقت) باعتبارها قيمة من القيم الإلهية التي يجب اتباعها، ومع التحولات تجاوزت المجتمعات العربية تلك اللغة إلى لغة تستوعب الراهن وتركت النخب العربية خلفها اسيرة لتلك اللحظة ولم تجد النخب ما تقدمه للمجتمعات عند التحولات ولذلك أصبح المجتمع يفرض قيم تحولاته على الرؤية النخبوية. اما ما لا يمكن استيعابه على مستوى كلية القيم النخبوية فقد تم رفضه كما نجد في مبررات التكفير التي توسعت لتحتوي كل الآراء المخالفة لتلك الرؤية، ونشير إلى ان النخب العربية أو التابعة لها ليست واحدة في رؤيتها وذلك لاختلاف مجتمعاتها وبالتالي اختلاف ما تفرضه تلك المجتمعات على النخب في سبيل الاستيعاب واختلاف تلك النخب جعلها اسيرة لا تستوعب الواقع إلا عند فرضه من قبل المجتمعات وبالتالي ترفض ما تقدمه النخب العربية الأخرى ولو كان صاحبها يشهد بالشهادة الإسلامية ويؤدي الفروض على حسب وعي النخب والمجتمعات العربية بالدين على أساس ثقافي فبعد ذلك يمكن ان يوصف بالكافرا!! أي ضد الانا التي تعني الرؤية النخبوية فليس هنالك مساحة لاخر مختلف اما مع الانا أو ضدها.
ان الإحالة المادية للمفردات (المعني والمدلول) بالنسبة للمجتمعات عبارة عن إحالة تاريخية ويكون الوعي الاجتماعي والنخبوي بناء على تلك الإحالة وفي المراحل التاريخية الأولي للإنسانية كان يتم من خلال التحول الاجتماعي الكلي لتقارب الوعي الجيني داخل المجتمع لذلك نتج ثبات على مستوى الإحالة المادية للغة في تشكيل كل مجتمعي، اما مع تزايد ضغط التحولات واختلاف التحولات الجينية بين أفراد المجتمع الواحد أصبحت الإحالة المادية للمفردة تختلف من شخص لاخر باعتبار موقع الشخص من التحولات وبالتالي رؤيته للإنسانية من خلال الوعي الجيني والراهن، ونتيجة لوجود الاخر المجتمعي الذي كان يأتي بكل ترميزه السلوكي والتداخل الذي ينتج تأثيره على ذلك الترميز في التحولات. عند وجود كلية قيمية تربط بين اللغة والواقع تكون اللغة مرنة في تحولاتها وذلك لخضوع اللغة إلى المعني المادي المباشر، ولكن في الثقافة العربية وبعد انفصال الكلية النخبوية عن الواقع في تعبيرها عن واقع تجاوزته التحولات كان استيعاب إنسانية الفرد والأخر من قبل النخب يخضع للوعي الجيني ولمبدا الراهن، كما المجتمعات، فما يفرضه الوعي الجيني يتم وعيه داخل الإنسانية أو الرؤية الكلية بايجاد صيغة ما وما يفرضه الراهن أيضا يتم استيعابه داخل تلك الكلية ولكنه استيعاب لحظي وليس استيعاب كلي داخل القيم كما الوعي الجيني فعند تغير الراهن يتغير الوعي بثبات الوعي الجيني على العروبة.
الترميز والشراكة في التعالي الإلهي:
وقد تم التنبيه داخل الرسالة لعدم التقديس لغير الإله فالتقديس يعني الإحالة المادية للقيم السلوكية تاريخيا بترفيعها لتقارب المعني الإلهي (فإهانة المصحف هي إهانة للإله وإهانة الرسول هي إهانة للإله وإهانة الكعبة وغيره فجعلوا للإله شركاء كما في الرسالات الأخرى وطريقة الاستيعاب) وهو ما أدي إلى وقوف الاستيعاب في وجه التحولات الاجتماعية بالنسبة للمجتمعات المنتجة له أو للمجتمعات الأخرى، وذلك لوقوف النخب خلف المجتمعات وليس امامها لإرشادها إلى المعني الإنساني في التحولات وداخل الاخر الثقافي وبالتالي أصبحت المجتمعات تتعامل وفق الراهن فقط دون وجود كلية نخبوية تمكنها من استيعاب التحولات والأخر المجتمعي أو الثقافي وفق رؤية كلية إنسانية وليس وفق الراهن ورؤية الترميز للسلوك كفعل إنساني يمكن تجاوزه مع التحولات.
والتقديس لغير الإله يؤدي إلى فرض رؤيا احادية مما يؤدي إلى رفض الاخر الذي لا يتماثل مع تلك الرؤية، وذلك ما نجده يحدث الآن حين ضاقت مواعين الاستيعاب فبدا الرفض حتى داخل الدين الواحد وذلك ليس بسبب قصور في الرسالة ولكن لاستيعاب الرسالات الالهية من خلال مرحلة تاريخية محددة واعتبار النص ناطق عن تلك المرحلة وليس باعتبارها رسالة ارشادية داخل الكون وليست داخل نص في كتاب. ولذلك أصبحت الرسالة عند النخب عبارة عن رموز بدات بالكتاب وانسحبت على التجارب البشرية في عهد الرسول وما بعده والأماكن المادية مثل الجزيرة العربية ودخولها حيز العبادات وفق الوعي النخبوي لمزيد من ضغط التحولات وأصبحت هنالك اماكن عبادية واماكن دنيوية نتيجة لضغط التحولات الذي لم تستطيع النخب استيعابه وتم قصور الدين على مسمي الشريعة الإسلامية وتم احالة الباقي إلى مصالح دنيوية مرسلة وما لم تستوعبه تمت احالته إلى الكفر، أو كما نجد في الثقافة الغربية ما لا تستطيع ان تستوعبه داخل كليتها تحوله إلى البدائية والتطور الجزئي وغيره.
النخب والترميز المجتمعي:
ان اعتبار الرسالة المحمدية كنص قيمي يعبر عن رؤية كلية للإنسانية من خلال قيم الثقافة العربية فقط هو الذي اقعد النخب الأخرى عن الفاعلية لدي مجتمعاتها. وأصبح التحول الأعمى هو الأساس لدي الثقافات الأخرى، اما نخب الثقافة العربية فاستمرت الحركة الاستيعابية لديها في التحور لإعادة الاستيعاب وسد الثغرات التي تظهر في تلك الرؤية مع التحولات، ولكن كل ذلك فشل في مجاراة حركة التاريخ الاستيعابية التي تعني استيعاب إنسانية الفرد الاجتماعية والأخر كما هو من حيث التحولات الاجتماعية لذلك فشلت نخب الثقافة العربية وكذلك نخب الثقافة الغربية في رؤية الأخر كانسان وليس كأخر مضاد، وكان يمكن ان تستفيد المجتمعات والنخب الإنسانية من التداخل بين الذات والمجتمع ورؤية الذات المجتمعية التي تتجسد داخل الشخص ولكن لقصور رؤية النخب الغربية لجأت إلى وصف تلك المجتمعات بالبدائية والأولية في رفض واضح لعدم إمكانية رؤية تلك المجتمعات كما هي واستعملت النخب الغربية مفهوم العلم الذي صنعته النخب الغربية بيدها وأصبحت تنتظر منه ان يجاوب عن اصل الإنسان كما صنعت المجتمعات التاريخية التماثيل وانتظرت منها ان تجاوب على ذلك السؤال، كما استعملت الثقافة العربية الدين كنص ثقافي لرؤية الاخر ولكن تفوقت الثقافة الغربية في تأسيس كلية قيمية تقوم على الفردية فيمكن للفرد ان يحاول ايجاد ذاته الفردية (في الفصل بين ذاته الفردية وذاته الاجتماعية التي تقوم على الوعي الجيني) من خلال مفهوم الفردية ولكن عند محاولة تجسيد وعيه الجيني من خلال قيم سلوكية يصطدم بعدم الاستيعاب والنفي من قبل الثقافة الغربية التي تقوم على تحولات اجتماعية لا تستوعب الاخر ككيان مختلف فيوصف بالإنسان البدائي أو ناقص تطوريا أو إرهابي عندما يواجه الرفض بالرفض. ولكن حتى تلك المحاولة لم تمنحها الثقافة العربية ونخبها للاخر، وهي وجوده كفرد ولكن يجب ان يتماهي مع القيم العربية والا يواجه بالنفي والكفر. لذلك تم تجسيد المجتمع الداخلي للفرد في المجتمع التخيلي (الدولة) لدي الثقافة الغربية فكان بحث الفرد الغربي عن المجتمع الذي في داخله  هو ما أدي إلى بناء العلم الطبيعي ونظام الدولة. ولكن النخب العربية دخلت في مأزق حقيقي نتيجة للتحول الأعمى لدي مجتمعاتها فهي أصبحت لا تعبر عن المجتمعات التي أتت منها وكذلك لا تستطيع إضافة قيم استيعابية جديدة فكان الرفض هو السمة الوحيدة التي بقيت لدي تلك النخب لكل ما هو نتاج القيم الغربية على عكس مجتمعاتها التي تتقبل كل ما هو غربي نتيجة لمحاولة ممارسة إنسانية تقوم على الوعي الجيني والراهن التاريخي.
خلاصة اولي لمفهوم اللغة والكتاب:
وأخيرا ماذا نستفيد من كل ذلك، نجد أولا: ان اعتماد المصحف العثماني كمرادف للفظ الكتاب الوارد في الرسالة المحمدية ومعادلة الكتاب العثماني بالكتاب الإلهي (العهد) أدي إلى أحادية المعني التاريخي وأيلولة المفردة إلى المعني المادي وهي ما بنت عليه النخب كليتها الاستيعابية حتى تكون هنالك دلالة فعلية للمقولات الذهنية ترتكز على فترة زمنية محددة وهو ما نجده في اللغة عند نقدنا لمفهوم اللغة العربية الفصحى وطريقة تدوينها وهي اشتقاق كل المفردات من الحروف (ف ع ل) والتي تعني فعل تاريخي محدد أي الإحالة المادية للغة ولذلك أصبحت الدلالة القولية دلالة فعلية محددة تاريخيا دون وجود اثر للتحولات الاجتماعية وكل ذلك الاستيعاب من مفهوم اللغة الفصحى ومفهوم القران أدي إلى صياغة كلية ثابتة في عقلية النخب العربية فكان إثبات تلك الكلية هو الفعل التالي للنخب الثقافية التي أتت فيما بعد وكل ذلك أدي إلى أحادية المعني التاريخي وبالتالي انفصال المفردة عن معناها الداخلي المجتمعي الذي يحورها من خلال تحول المجتمع إلى معاني أخري أو يستبدل بها معاني أخرى بدلالات لفظية مختلفة وهو ما يؤدي إلى التحول المستمر في اللغة الذي نشاهده الآن في المجتمع العربي النقي نسبيا على مستوى الجزيرة العربية واليمن أو في الخليج أو بقية الدول التي تحتوي على جينات عربية بنسب مختلفة ولكن دون رؤية نخبوية فالنخب العربية ترفض حتى اللغة التي تتحدث بها مجتمعاتها الآن. اما اللغة التاريخية (أو اللغة الفصحى) فقد وقفت عند الاستقطاب للدول العربية أو التي تدعي العروبة باعتبارها قيمة إلهية بالاعتماد على رؤية النخب.
فالاعتماد على مفهوم المعجزة اللا تاريخي وتصنيف القيم إلى دينية ومرسلة من قبل النخب العربية باعتبار رؤيتهم هي رؤية نهائية للتاريخ الانساني، ومع وجود التحولات في المجتمعات العربية كان اللجوء عند عدم إمكانية تفسير الكلية النخبوية لتحولات مجتمعاتها وذلك بانصهار الإله والمجتمع والإنسان داخل الوعي الجيني باخذ ترميز المجتمعات للإله وتعميمه على كل الرسالة أي لجوءها إلى الإله كوسيط بين الإنسان وفعله المادي فأصبح الإنسان مكتسب للأفعال وليس مصدر لأي فعل ثم عند ازدياد الضغط كان الإنسان مسير فكان هنالك مشيئتين داخل الفرد هي مشيئة الفرد ومشيئة الإله وذلك في اعتماد الترميز المجتمعي للإله، ونتيجة لوقف الكلية النخبوية عند الإحالات التاريخية المحددة دون اللجوء للوعي بالمجتمع والتحولات التاريخية، كل ذلك أوقف بناء كلية تسير مع التاريخ للمجتمعات العربية وتراجعت النخب لتكون تابع للمجتمعات في تحولاتها.
ثانيا: أدي ذلك إلى تقديس الإحالة المادية للمفردة كما نجد في المصحف فلا يمكن إذا كان متوفرا اقتناء مصحف ابن مسعود أو غيرها من المصاحف وتكون مسلما في نظر النخب العربية وذلك فقط لتجاوز تلك النخب لتعدد النصوص الذي كان في المرحلة الأولي وذلك التقديس هو ما نهي الإله عنه حتى لا نجعل للإله شركاء، فربط الفعل الإنساني بالذات الإنسانية وليس بفعل الهي هو ما يؤدي إلى الفصل بين الأنا البشرية والإله المتعالي. فأي تقديس للبشر أو للجمادات مثل المصحف لا ينسحب إلى الشرك فقط بل إلى الظلم أيضا وهو ما يحدث بين الثقافات كما داخل الثقافة الواحدة فنجد ان توصيف الرسول بأنه بشري أو احد الصحابة بأنه بشر كما بقية الرسل (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6)) (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا (93)) يمكن ان يخطي أو يصيب يعني عند جماعات التقديس طعن في ذات الهية في مفارقة للتاريخ وللنص كما نجد في تفسير الطبري (القول في تأويل قوله : { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ }
قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه بقوله : " ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك " ، ما يصيبك ، يا محمد ، من رخاء ونعمة وعافية وسلامة ، فمن فضل الله عليك ، يتفضل به عليك إحسانًا منه إليك وأما قوله : " وما أصابك من سيئة فمن نفسك " ، يعني : وما أصابك من شدة ومشقة وأذى ومكروه " فمن نفسك " ، يعني : بذنب استوجبتها به ، اكتسبته نفسك).
الرسل والترميز الإلهي:
لم يكن وعي الرسل البشري يتجاوز الترميز المجتمعي للإله شانهم شان مجتمعاتهم ولذلك كانت الرسالات تأتي بارشادهم في الأول بالتعالي الإلهي عن الترميز وانهم كرسل ليسوا شركاء في الرسالة وذلك عند محاولتهم التماهي مع الإله وذلك باعتبار الترميز المجتمعي للإنسان المتمايز في الوعي بأنه متميز فيرد الإله بان التمايز عبارة عن تمايز انساني في الوعي وتجاوز الترميز السلوكي للإنسانية عند لحظة تحولات معينة وليس تميز عن الإنسانية فيردهم الإله إلى واقعهم البشري من خلال تجارب مباشرة.
فعندما حاول موسي ان يعتبر نفسه شريكا للإله وان مشيئته من المشيئة الإلهية تم تزكيره بالترميز السلوكي للإنسانية الذي لا يمكن ان يصبر معه فكان ذلك ارشادا له ولمجتمعه بالتعالي الإلهي عن المشيئة الإنسانية ولو كنت رسول كما نجد في القصة التالية: (فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78))، إلى نهاية القصة التي تعبر عن قصور الوعي الترميزي للإنسانية عند لحظات التحولات.
يتكرر الترميز ويتكرر الإرشاد  بان صفة رسول لا تجعل من صاحبها شريك في الرسالة الإلهية حتى يتحدث بالإنابة عن الإله، وهذه المرة من قبل الرسول محمد عندما سأله جماعته عن المسائل الثلاث، فكانت إجابته مباشرة باني سأجيبكم غدا، فانقطع الوحي مدة اسبوعين أو أكثر كما تذكر كتب التاريخ والتفسير ولما رجع الوحى كان التنبيه بان الرسالة خاصة بالإله ولذلك لا تقطع بامر فيها من عندك حتى تكون مشيئة الإله (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا (24)). ولكن لقصور الرؤية النخبوية تم تعميم المشيئة الإلهية داخل الفعل الإنساني.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرسالات الإرشادية بعيدا عن التدوين العربي (2)

من الانتفاضة إلى الثورة السودانية (1)