وليد الحسين عندما لا تكفي المناشدات




لازلت ارى ان الطريقة التي تم بها تناول ازمة وليد الحسين المعتقل منذ يوليو الماضي لدي المملكة العربية السعودية قد تمت بها اخطاء عديدة، ولمصلحة وليد الحسين ولمصلحة القضية التي انتدب نفسه لها وهي السعي إلى وطن يسع الجميع علينا تصحيح تلك الأخطاء. الخطاء الاول تمثل في اخفاء معلومة الاعتقال، والخطاء الثاني تمثل في اعتمادنا على المناشدات فقط، والخطاء الثالث تمثل في ترك اعتقال وليد الحسين لدي الامن السعودي والتوجه باللوم إلى الامن السوداني.
ولتصحيح تلك الاخطاء يجب ان نمارس نقد ذاتي حقيقي لكل كتاب وقراء الراكوبة باعتبارهم اصحاب القضية بالانابة عن الشعب السوداني وكذلك لكل اصحاب الضمائر الحية السودانية حتى لا تتكرر تلك الاخطاء.
ففي الخطا الاول مثل وليد الحسين رمز لمحررى الراكوبة ولذلك سعوا إلى ايجاد حل للازمة بعيدا عن الاعلام فكما قرائنا في مناشدة ياسر عرمان وغيره الذين اتضح علمهم بالاعتقال منذ بداياته وسعوا بعلاقاتهم الشخصية إلى ايجاد حل للقضية، وما كان لذلك ان يتم لو عامل محررى الراكوبة وليد الحسين كشخص عادي يمثل أي شخص اعتقل خارج الوطن، فوليد الحسين من خلال ما هو واضح للجميع لم يكن يسعي إلى مجد شخصي ولكن من خلال الراكوبة سعي إلى سودان مختلف سودان يتساوى فيه وليد الحسين الناشط السياسي مع راعي الضان في الخلا من حيث الحقوق والواجبات. فكل معارض أو ناشط سياسي يدرك ان الاعتقال هو واجب مستحق يمكن ان يدفعه في كل لحظة اذا كان داخل أو خارج السودان وتحديدا في دول العالم الثالث. ان الاعتقال بالنسبة للناشط السياسي هو تاج يضعه فوق راسه وليس جريمة يخفيها عن انظار الغير فذلك الاعتقال يؤكد بان فعلك قد احدث رد فعل حقيقي. فاخفاء الامر اضر بوليد اكثر من فائدته وافقد الراكوبة الكثير من المصداقية باعتبارها صحيفة المعلومة الاولى لدي كتابها ومحرريها.
يدرك كل المعارضين والنشطاء السياسيين ان الدفاع عن الاخرين لا يكون من خلال المناشدات والاستجداء ولكن من خلال المطالبة بالحقوق والواجبات وهو الخطاء الثاني، فكان الاولى ان نطالب بالحقوق والواجبات في قضية وليد التي تمثل اختبار حقيقي لكل المعارضين في الثبات على المبدا بدل ان نناشد، فإذا كنا نسعي إلى ان نستعيد حقوق وكرامة الإنسان السوداني المهدرة من قبل النظام الحاكم فيجب ان يكون مبادئنا واحد داخل وخارج الوطن وهو حقوق وكرامة الإنسان السوداني ولا قدسية لمكان أو انسان فوق تلك الحقوق اذا كانت السعودية أو غيرها.
ونحن عندما نطالب السعودية لا نقول بان وليد برئ أو ان الناشط السياسي يجب ان لا يحاكم أو انه مقدس عند الشعب السوداني أو انه لا يخطئ أو هو فوفق القانون، ولكن نقول ان على السعودية ان تقدمه إلى محاكمة عادلة وان توفر له كافة الضمانات القانونية اللازمة مثله مثل أي شخص سوداني عادي. والمطالبة تلك تكون من خلال الاحزاب السياسية المعارضة التي تمثل الإنسان السوداني عند كل المعارضين واغلب الشعب السوداني فعليها ان تطالب بحق وليد في محاكمة عادلة أو الحرية وذلك بزيارته هو واسرته وبانتداب محاميين له حتى تسير القضية في الطريق الصحيح، وكذلك عبر المنظمات الانسانية بعلاقاتها المباشرة بالمنظمات الدولية، فلا ننتظر مناشدات من ابراهيم الشيخ والصادق المهدي وغيرهم ولكن ننتظر افعال تعبر عن سودان الغد.
ندرك حساسية التعامل من جانب الإنسان السوداني العادي مع المملكة العربية السعودية باعتبار وجود الحرمين الشريفين وكذلك بعض الجانب المشرق من قبل حكامها أو جزء من شعبها، ولكن ان تمتد تلك الحساسية لتشمل النخب التي يفترض بها ان يكون الإنسان السوداني هو غايتها الاولى هو ما لا يجب السكوت عليه وهو الخطاء الثالث، فوليد الحسين ليس معتقل لدي جهاز الامن السوداني حتى تتحول الاسئلة إليه ولكنه لدي الامن السعودي ولذلك علينا ان نكون واضحين تجاه هذه القضية وان لا نرفع الحرج عن المملكة لنضعه على اكتاف الامن السوداني، فالمملكة هي المسئول الاول حتى الان عن اعتقال وليد الحسين وعليها الاجابة على اسئلة حقوقه وليس الامن السوداني.
وإذا كان هنالك جانب مشرق للمملكة فهنالك جانب مظلم ايضا ويكفي ما بدا يظهر اخيرا من تعامل بعض من المجتمع السعودي مع بناتنا السودانيات، اما اذا ذهبنا بعيدا في التاريخ فكل منا يملك قصة محزنة عن تعامل الكفيل السعودي مع قريب له. ولذلك لا نقول ان الجانب المشرق هو الغالب أو الجانب المظلم فذلك مكانه القانون اذا كانت السعودية دولة قانون، ولكننا نتحدث عن المبادئ التي يجب ان تعامل بها السعودية كل سوداني موجود لديها بغض النظر عن مهنته أو مكانته الاجتماعية فالسودانيين سواسية امام القانون ذلك هو المبدا الذي قمنا نعارض من اجله.
ان الخلط الواضح في قضية وليد الحسين ادي إلى اراحة كل من المملكة العربية السعودية التي لم يقل احدا انها انتهكت حقوق انسان سوداني وكذلك النظام السوداني الذي لا يريد ان يدخل في متاهات مع الدول الاخرى وبالاخص السعودية. وازالة ذلك الخلط يكون بمطالبة السعودية بان تقوم بدورها اما بمحاكمة وليد الحسين أو اطلاق سراحه، وكذلك على النظام السوداني ان يقوم بدوره في المطالبة بحقوق الإنسان السوداني، ونحن عندما نقول النظام السوداني لا نعني به فقط النظام الحاكم الذي نعارضه ولكننا نرسي مبادئ لكل الانظمة السودانية القادمة باعتبارنا لا نتحدث عن المعارضين فقط ولكن نتحدث عن كل انسان سوداني، فعلينا ان نزيل ذلك اللبس وان نضع في ذهن المجتمع ان ذلك هو دور وزارة الخارجية في حماية المواطنين السودانيين في الخارج.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرسالات الإرشادية بعيدا عن التدوين العربي (2)

من الانتفاضة إلى الثورة السودانية (1)