مع الحركة الشعبية (ش) في المفاوضات القادمة


مدخل:
مع ارهاصات قيام مفوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية شمال راينا ان نتضامن مع اهلنا في جنوب كردفان والنيل الازرق حتى ولو كان ذلك بمقال فقط. ونتمنى من المجتمع الدولي ان يمارس المزيد من الضغوط حتى تتحول تلك الارهاصات إلى حقيقية.
ان الازمة في جنوب كردفان والنيل الازرق قد اخذت ردحا من الزمن دون ان تجد الحل النهائي، فمنذ الثمانينيات عند انضمام يوسف كوة من جبال النوبة ومالك عقار من النيل الازرق إلى الحركة الشعبية يحملان معهم هموم بني جلدتهم ضد المركز والى الان لم يهنا ابناء تلك المناطق بحياة كريمة، فقد تارجحت الحياة في تلك المناطق بين أصوات الرصاص وأزيز الطائرات أو في أحسن الأحوال مقارعة الجوع.
وقد مثلت اتفاقية نيفاشا الامل الوحيد لابناء تلك المناطق ولكن المزايدات بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني وكذلك تركيز كل منهم في قضاياه جعل قضايا تلك المناطق والتي تركزت في اعادة الدمج والمشورة الشعبية والتنمية وغيرها لا تأتي من ضمن اولويات الحكومة المركزية التي كانت تتقاسم همومها بين الشمال والجنوب، حتى انقضت الفترة التي كان من المفترض ان تكون بها المشورة الشعبية وانتهت حالة التوازن بخروج الحركة الشعبية من التاثير في القرار بعد الانفصال وحاولت الحركة الإسلامية انتهاز الفرصة والانفراد بالقرار لتقدم ما تشاء وتاخر في بنود الاتفاقية، وهو ما قاد تلك المناطق إلى حالة اللا-توازن مرة أخرى، وبالتالي رجعت تلك المناطق إلى الحرب دون ان تستفيد من فترة سنوات اتفاقية نيفاشا.
ولقد حاولت الحركة الشعبية الاحتفاظ لتلك المناطق بالخصوصية في اطار السودان الواحد إذا كانت في فترة ما قبل الانفصال، أو حتى بعد انفصال الجنوب سعت الحركة الشعبية (ش) إلى تكوين الجبهة الثورية في اصرار على ان الازمة السودانية هي واحدة، ولكن كان انكفاء اصحاب المشروع الحضاري على مشروعهم حتى لو تشرزم السودان إلى دويلات بالإضافة إلى ضعف المعارضة الفكري والحركي فاقوى احزاب المعارضة وهي الامة والشعبي لا تختلف فكريا عن المشروع الإسلامي الذي يغتال في الدولة والمجتمع السوداني إلى الان. بالإضافة إلى اصطدام محاولة الحل الكلي بالمجتمع الدولي الذي لم يستوعب خصوصية الثقافة السودانية، واصبح يلجا في الازمة السودانية إلى الفصل بين المجتمعات على أساس العرق والمناطق الجغرافية باعتبار ان ذلك يساعد في حل الازمة السودانية، وهو حل مسكن فقط ليس الا.
وبعد كل تلك التجارب والازمات والحروب ومحاولات الحلول الفاشلة التي عاشتها تلك المناطق في كل تلك السنوات فنحن ندعم الحركة الشعبية (ش) في موقفها الذي سوف تتخذه في المفاوضات القادمة حتى لو تحول هم الحركة الشعبية (ش) من الكل السوداني إلى كيفية إيقاف نزيف الدم وتامين الخصوصية لتلك المناطق إذا كان بالحكم الذاتي أو الانفصال، فيكفي تلك المناطق ما عانته، فإذا لم يموت افراد تلك المناطق بالرصاص كان الموت بالصواريخ واذا لم يكن بكل ذلك كان بالجوع الذي استخدمته حكومة الحركة الإسلامية كسلاح قذر ضد الكل، مواطنين ومتمردين وذلك بقفل تلك المناطق امام حركة الاغاثة.
ولذلك حتى لو اصبحت المفاوضات المفترضة بين الحكومة والحركة الشعبية (ش) حول حقوق إنسان تلك المناطق فقط (وهو ما يظهر في الافق عندما اصر المجتمع الدولي على التفاوض باسم الحركة الشعبية (ش) وليس باسم الجبهة الثورية)، فنحن مع الحركة الشعبية بعيدا عن الالتزام الاخلاقي (مع الجبهة الثورية أو الاحزاب في الشمال) فقد عانى إنسان تلك المناطق مع عانى، اما نحن فقد اثبتنا عجزنا التام كمجتمع وسط أو نخب في حماية اجزاء من المجتمع السوداني من غول الحركة الإسلامية والفكر الإسلامي عامة الذي لا يتفق مع الايدولوجية الاسلاموية، والتي استخدمت الدولة السودانية مطية لتحقيق توهمها بالمجتمع الإلهي الفاضل وأصبحت تعمل في المجتمع فصلا وبترا وتقطيعا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرسالات الإرشادية بعيدا عن التدوين العربي (2)

من الانتفاضة إلى الثورة السودانية (1)