إلى افراد وضباط القوات المسلحة أليس بينكم رجل رشيد؟!




لقد تعرض الجيش السوداني لأكبر مؤامرة من قبل الأحزاب السياسية السودانية، فقد سعت كل الاحزاب القديمة إلى تسيس الجيش وذلك للوصول إلى السلطة بأقصر الطرق وفرض رؤيتها على الجميع، ولم يستثني حزب من احزاب الاستقلال في اختراق (قسم) القوات المسلحة وعقيدتها من قوات تحمي الكل السوداني وتحويلها إلى قوات تحمي رؤية حزب محدد، وتحولت بالتالي القوات المسلحة كما نقول في الامثال السودانية إلى (الحمار القصير) بالنسبة للاحزاب السياسية التي تسعي إلى السلطة باقصر الطرق.
ولكن ذلك لا يعفي افراد وضباط القوات المسلحة التي ساهمت في ذلك الجرم بنصيب وافر لعدم رفضها لبعض افرادها من خيانة قسم وعقيدة القوات المسلحة ولفظهم من ساحتها، بل سمحت لنفسها ان يحولها أولئك الافراد إلى ابواق سياسية وتتحول بالتالي من قوات لكل السودان إلى قوات لتنظيم سياسي.
وجاءت للقوات المسلحة فرصتين ان تخرج من عبائة التنظيمات السياسية وتتحول إلى قوات مهنية ذات اهداف محددة وتتمسك بعقيدتها وقسمها حينما رات ان العداوة يمكن ان تتحول إلى اخوة دم وسلاح في اتفاقيتي اديس ابابا 1972م ونيفاشا 2005م، فتلك الاتفاقيات أوضحت للكل ان الازمة ليست بين معتدي ومعتدي عليه ولكن الازمة السودانية هي ازمة سياسية بحتة ولذلك يتحول بسهولة العميل والصهيوني والمرتزق إلى قائد مرحب به داخل القصر الجمهوري وجزء من النسيج الاجتماعي السوداني، ولكنها لم تستغل تلك الفرص لتلزم التنظيمات السياسية بدورها المحدد، فبريق السلطة قد غوى بعضهم والجهل قد عم البقية.
ذلك الجهل الذي أدي إلى خيانة القوات المسلحة لبعضها البعض في اكبر خيانة سيذكرها التاريخ عندما باعت جزء من افرادها للحركة الشعبية، فتم إنزالهم من الجيش وتسليمهم للحركة الشعبية التي كانوا يقاتلونها دون معرفة ما يمكن ان يصيبهم وكيف يكون مصيرهم، فلم تستطع القوات المسلحة ان تمنحهم ولو الجنسية السودانية التي تمنح للاعب كرة يفشل حتى في اثبات ذاته في ميادين كرة القدم وتسحب من الذي اثبت ادائه في ميادين الحروب دفاعا عن السودان. وهكذا تلعب التنظيمات السياسية بالقوات المسلحة دون ان تتحرك تلك القوات لتحمي حتى افرادها من تلون رؤى التنظيمات السياسية.
وللاسف عدم تمسك الجيش السوداني بالمهنية وتحديد اهدافه في حماية الحدود وترك التنظيمات السياسية لتحدد له اولوياته هو الذي جعل الدول المجاورة تعتدي وتتجبر علينا دون ان نحرك ساكنا، فمن مثلث اليمي قديما إلى الفشقة وحلايب حديثا تحتل الارض السودانية وكل يتحدث حتى وزير البيئة ولكن الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة لا يحرك ساكنا ولو ببيان شجب وادانة، يدخل الجيش اليوغندي قديما بحثا عن قائد جيش الرب وتدخل القوات التشادية حديثا ولا يحرك الجيش السوداني قيد انملة، تتحرك القوات الدولية بالالاف داخل السودان والجيش السوداني هو اخر من يعلم، يضرب مصنع الشفاء بصواريخ امريكية وتستباح القوات المسلحة في عرضها فيتم ضرب مصنع اليرموك للاسلحة والذخيرة من قبل الطيران الاسرائيلي ولا تخجل القوات المسلحة السودانية من نفسها. لماذا كل هذا؟ لان عدو القوات المسلحة هو عدو المؤتمر الوطني المتمثل في السودانيين الذين يقولون لا لتلك الرؤية المجزئة للوطن ويتحول الجيش السوداني بالتالي إلى ذراع حزبي في يد عضوية المؤتمر الوطني يوجهونه حيثما يشاءون.
ومن هنا يجب ان لا يشمت ابناء النوبة ودار فور والنيل الازرق في ابناء الجنوب سابقا (فاخوك كان حلقو ليه ..)، فابناء الجنوب يجب ان يتحولوا إلى عبرة وعظة للاخرين، فيمكن ان يتم بيعهم في سوق السياسية كما تم بيع اخوان لهم من قبل في اقرب اتفاقية قادمة ولن تتحرك القوات المسلحة إلى حمايتهم، فالقوات المسلحة أصبحت عبارة عن دمي تحركها الاحزاب السياسية في أي اتجاه يريدون.
وعندما نقول ان القوات المسلحة أصبحت ذراع من اذرع المؤتمر الوطني لا يعني ذلك عدم وجود الافراد الحادبين على مصلحة الوطن، فالاحساس بالازمة السودانية اصبح احساس عام عند الكل، ولذلك ندرك ان في داخل القوات المسلحة هنالك من يفكرون في كيفية الخروج من هذه المعضلة الشائكة، ولذلك ما نتمناه منهم في هذه اللحظة هو تجاوز اخطاء الماضي ونتحد كلنا معا لنخرج السودان من الازمة باقل تكلفة، فالدماء التي سالت والانفصال الذي حدث هو محض بداية لما يمكن ان يحدث. فلم يزل حزب المؤتمر الوطني يوغل في غيه غير منتبه لما يحيط بالسودان واخره هو حديث الرئيس عمر البشير عن عدم المفاوضات مع الجبهة الثورية وإعادة اوصاف عميل وغيرها والذي ندري ان ذلك الحديث يمثل المؤتمر الوطني ولا يمثل كل القوات المسلحة، فكم عميل ومرتزق قد سكن القصر الجمهوري في عهد المؤتمر الوطني من د. جون قرنق وطاقم الحركة الشعبية إلى منى اركو مناو وغيرهم كثر، فإلى متي يقود المؤتمر الوطني القوات المسلحة من محرقة إلى أخرى وعندما ينكسر لا يراعي اخوة السلاح فيبيعهم في مزاد الاتفاقيات والمعاهدات، فعلي القوات المسلحة وقف التلاعب بالالفاظ من اجل انفسهم ودمائهم أولا ومن اجل السودان ثانيا وذلك بدفع كل التنظيمات حكومة ومعارضة على حل اشكالهم في اطار سياسي وبعيدا عن القوات المسلحة وان لا يتم استخدام الجيش كذراع سياسي مرة أخرى.
هي دعوة للقوات المسلحة باعتبارها من اكبر القوى وتستطيع ان تجنب السودان الكثير مما نراه في الافق، وكذلك هي دعوى لكل القوات النظامية الأخرى والحادبين على مصلحة السودان في تلك القوات بان يخرجوا من عباءة المؤتمر الوطني ويعملوا لمصلحة الكل السوداني. فإذا لم نحس سابقا بانسان الجنوب وحاليا بانسان دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة الذي عاني من رؤية المؤتمر الوطني فالحريق القادم سيكون داخل كل بيت سوداني وسيجبر من لم ينتبه سابقا إلى ان ينتبه إلى عمق الازمة فعلينا اذا ان نحاول ان ننقذ ما يمكن انقاذه في هذا الوطن.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرسالات الإرشادية بعيدا عن التدوين العربي (2)

من الانتفاضة إلى الثورة السودانية (1)